الاسماك الخطرة بالبحر الاحمر ، الاسماك القارضة في البحر الاحمر.
الاسماك الخطرة بالبحر الاحمر ، الاسماك القارضة في البحر الاحمر
يجذب البحر الأحمر الناس من أنحاء العالم للتمتع بالغوص والسباحة في مياهه الزرقاء الشفافة ومراقبة الكائنات الرائعة في الشعاب المرجانية. وعلى رغم أن بعض أسماك الشعاب قد تكون خطرة على الانسان، فنادراً ما يكون هناك خطر على الشخص الذي يتعامل معها بحرص وبحس سليم ولا يحاول لمسها باعتبار أن البحر هو موئل الكائنات البحرية وأن الانسان دخيل. والواقع أنه لا توجد حيوانات في الشعاب المرجانية تعتبر الانسان فريسة، ومعظم الحوادث تنتج غالباً عن جهل الانسان بسلوك الكائنات البحرية ووسائل دفاعها المختلفة، فمنها ما يفرز مواد دفاعية ومنها ما يملك جهازاً دفاعياً متطوراً. في ما يأتي عرض لأخطر الأسماك في البحر الأحمر التي يمكن أن يلتقيها الانسان ويجب أن يحذر منها.
القاضمات المفترسة
الأسماك العاضة أو القاضمة هي تلك التي تمتلك أسناناً قوية جداً تستخدمها في تقطيع الفريسة التي غالباً ما تكون سمكة. ومن أشهرها في البحر الأحمر القرش والباراكودا وإنقليس موراي.
ويعتبر القرش من أكثر حيوانات البحر خطورة وإرعاباً. وقد صنف العلماء نحو 360 نوعاً من هذه الأسماك تعيش في المحيطات، لكنها أكثر شيوعاً في البحار الدافئة. وقد نالت أسماك القرش سمعة سيئة جداً بسبب ما يشاع عن مهاجمتها للانسان وافتراسها له. والحقيقة غير ذلك، فالعدو الحقيقي للقرش هو قرش أكبر منه، ومن بين مئات ملايين البشر الذين يرتادون البحار لا يتعدى عدد ضحايا هجمات القرش 100 حالة سنوياً على مستوى العالم، وفي حالات قليلة جداً يبدأ القرش بالهجوم. والحقيقة أن الانسان يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، إما بسبب استفزازه للقرش وإما بسبب الممارسات الخاطئة.
ومن النصائح الهامة التي يجب أن يأخذ بها مرتاد البحر ألا يسبح بمفرده مطلقاً وألا يسبح بعيداً عن الشاطئ وألا يحمل بيده أسماكاً أو شيئاً لامعاً يجذب القرش اليه. وينصح أيضاً بعدم النزول الى الماء اذا وجد جرح من أي نوع، لأن الدماء تجذب القرش من مسافات بعيدة. ويستحسن عدم الغوص ليلاً أو عند الشروق والغروب لأنها أوقات بحث القرش عن الغذاء. وإذا حدث وصادفت قرشاً في الماء، فابق هادئاً، لأن أي حركة خاطئة قد يعتبرها القرش عدواناً، وفي هذه الحالة من الأفضل أن تغادر الماء بهدوء ولا تدع القرش يغيب عن ناظرك، فمعظم هجمات القرش تحصل من الخلف. ولا تحاول العبث مع قرش مهما كان نوعه أو حجمه، وإن بدا غير مؤذ، فسلوك القرش لا يمكن توقعه أبداً.
هناك بعض الاشارات التي توضح بدء القرش في الهجوم، منها أنه يتحرك في دوائر حول الفريسة، ويقل قطر هذه الدوائر مع الوقت حتى ينقض على الفريسة. واذا لاحظت أن الزعنفتين الصدريتين تنخفضان الى أسفل، فاخرج من الماء بأقصى سرعة، وإذا لم يسعفك الوقت لذلك تصرَّف بإيجابية، فالقرش يحترم القوة ويخشاها. ومن الأماكن الحساسة التي يتأثر بها القرش الأنف والعينان والخياشيم، فاذا خدش في هذه المناطق فانه يبتعد ثم يعاود الهجوم مرة أخرى. وفي حالة إصابة الانسان، تكون الأولوية لوقف النزف، مع إعطاء مضاد حيوي مناسب، ثم ينقل المصاب الى أقرب مستشفى.
ويعيش في البحر الأحمر 44 نوعاً من أسماك القرش، بينها عدة أنواع تمثل خطورة على حياة الانسان، وأخطرها القرش النمر والقرش أبوريشة بيضاء والقرش الذئب.
الباراكودا Sphyraena barracuda نوع خطر آخر من الأسماك القاضمة، وقد اكتسبت سمعة سيئة ينفيها الواقع. فهي لا تهاجم الانسان لمجرد الهجوم، ولا لافتراسه، ولكن كغيرها من "الكانسات" يمكن أن تخطئ السباحين أو الغواصين. وهي شديدة الفضول وتقترب كثيراً من الغواصين، فيخيل اليهم انها تتخذ وضع الهجوم. وتكمن خطورتها في سرعتها الخاطفة وأسنانها الحادة التي تمكنها من شق جسد الانسان الى نصفين بسرعة كبيرة. وتحدث معظم الاصابات في المياه السطحية، ونادراً ما تهاجم الباراكودا الغواصين.
لتجنب أسماك الباراكودا، احذر الصيد بالقرب منها، وتجنب أن تحمل أو ترتدي شيئاً لامعاً فهو يجذبها بشدة، ولا تحمل أسماكاً في سنار أو أسماكاً مجروحة. واذا حدثت إصابة فلا بد أولاً من وقف النزيف بربط الجرح بضماد نظيف وإعطاء المصاب مضاداً حيوياً مناسباً. ومن الأخبار المطمئنة أن الباراكودا لا تستسيغ لحم الانسان.
الموراي Gymnothorax javanicus هو أكبر أسماك الإنقليس في البحر الأحمر. يصل طوله الى ثلاثة أمتار، ويمتلك أسناناً حادة وقوية جداً قد تسبب إصابات خطيرة للانسان، سواء عمداً أو عن طريق الخطأ، كما أن لحمه يحتوي على سم يدعى سيغواتيرا Ciguatera. لتجنب خطورة الموراي لا تحاول صيده باستخدام سنار، ولا تضع يدك دخل كهف يقبع فيه بدافع الفضول أو المداعبة، ولا تحمل في يدك أسماكاً قد تجذبه فيهاجمك لأجلها. ويلاحظ أنه، بمرور الوقت، أخذ هذا النوع في التآلف مع الغواصين الذين يقومون بإطعامه.
أسماك لاسعة
تعيش في البحر الأحمر مجموعة من الأسماك التي تمتلك جهازاً لاسعاً يتكون من غدة سمية وشوكة تضخ السم من خلالها الى الفريسة. وغالباً ما تستخدم هذه الأسماك جهازها اللاسع في حالة التعرض للهجوم. بعضها خطراً جداً على حياة الانسان، إذ لم يكتشف مضاد لسمها حتى الآن، ومنها أنواع خطرة تم اكتشاف مضاد لسمها وتحتاج الى تدخل طبي.
من أخطر الأسماك اللاسعة في البحر الأحمر، بل على مستوى العالم، السمكة الصخرية Synanceia verrucosa التي اكتسبت هذا الاسم من قدرتها العالية على التخفي والتلون مع محيطها، كما أن جسمها يغطى بالطحالب فيمنحها شكل صخرة. تنتشر في البحار الاستوائية وتتغذى على الأسماك والقشريات، وهي من أقبح الأسماك شكلاً وأخطرها سماً بين أسماك البحر الأحمر، بل ربما على مستوى العالم. وترجع خطورتها الى قدرتها العالية جداً على التخفي والتحور في الشكل وفق محيطها، اضافة الى وجود 13 شوكة ظهرية تتصل كل منها بغدتين سميتين عند قاعدتها تحملان سماً قاتلاً.
أسماك الأسد والديك مجموعة أخرى في عائلة Scorpaenidae التي ينتمي اليها الأسماك الصخرية. يمكن تمييزها بسهولة عن طريق ألوانها الزاهية الجذابة التي تمثل أيضاً خطورة عالية على حياة الانسان، نظراً لسميتها العالية الكامنة في أشواكها البديعة الألوان. هذه الأسماك لا تهاجم الانسان، ولكن حينما تشعر بالخطر تنتصب أشواكها فتمثل خطراً شديداً، فهي تسبب الغثيان والوهن والحمى وضيق التنفس وربما فقدان الوعي لبعض الوقت.
أما السمكة الشيطان فتشبه الأسماك الصخرية وتجيد التخفي بصورة مذهلة. يصل طولها الى 30 سنتيمتراً وتتميز بسمية شديدة، لكنها أقل خطورة من السمكة الصخرية.
الاصابة الناتجة من هذه الأسماك خطيرة جداً ويمكن أن تؤدي الى الوفاة. وتحدث الاصابات عند الوقوف على السمكة، فيندفع السم من خلال الأشواك الظهرية. وتعتمد شدة الاصابة على عدد الأشواك وعمق الاصابة، ويحدث ألم رهيب يتبعه انتفاخ وتورم في مكان اللدغة ودوار وغثيان وصدمة وشلل، وقد تحدث وفاة اذا لم يسعف المريض بسرعة. ولكي تتجنب الاصابة لا تلمس أي شيء لست متأكداً من طبيعته، ولا تمسك صخرة عليها طحالب فقد تكون سمكة صخرية. ينصح كذلك بعدم الوقوف أو الجلوس على الصخور أو الشعاب، وبارتداء قفازات وجوارب.
الطريقة المتبعة في علاج هذه الاصابات هي استخدام ماء ساخن أو لهب جاف بسرعة على مكان اللدغة لتخفيف الألم، لأن السم ذو أساس بروتيني، ثم ينقل المريض الى أقرب مستشفى لاعطائه مضاداً حيوياً مناسباً وإزالة بقايا الأشواك من مكان الاصابة.
الرقيطة Taeinura lymma هي سمكة شفنين (راي) لاسعة تتميز ببقع زرقاء على ظهرها، بطنها أبيض ويصل طولها الى نحو متر. يحتوي ذيلها الطويل على شوكة حادة في المقدمة وفيها زوائد باتجاه عكسي، بحيث اذا دخلت جسد الضحية لا تخرج الا اذا كسرت، لذا يلزم التدخل الجراحي. وكمعظم الحيوانات البحرية، لا تهاجم الرقيطة الانسان، وعندما تشعر بالخطر تسبح بعيداً. ومع ذلك يجب تجنب أشواكها الحادة التي تنتصب عند الشعور بالخطر.
في حالة الاصابة يستمر الألم لمدة 48 ساعة، أخطرها الساعات الأولى. وتشمل الأعراض التقيؤ والغثيان والصداع والحمى والشعور بالارهاق. ويجب استخدام مياه ساخنة لا تزيد حرارتها على 50 درجة مئوية لمدة 30 ـ 90 دقيقة تساعد في تخفيف الألم، واستخدام مضاد حيوي مناسب ومخدر موضعي. ولا بد من التدخل الجراحي لإزالة بقايا الشوكة من الجسم، واذا لزم الأمر تؤخذ صورة بالأشعة للتأكد من عدم وجود بقايا داخل الجرح.
الرعاد Torpedo panthera نوع آخر من أسماك الراي، قرصي الشكل وله ذيل طويل بلا أشواك. وعلى جانبي الجسم أنسجة عضلية متحورة الى غدد يمكنها إطلاق تيار كهربائي لصعق الفريسة. يصل طول هذه السمكة الى 240 سنتيمتراً وتعيش في المناطق الرملية بالقرب من منحدر الشعاب وعلى عمق نحو متر. تتغذى على القشريات والديدان والأسماك الصغيرة.
أسماك التترودونتيدي معروفة في كثير من بحار العالم بخواصها السمية، نتيجة لوجود سم "تترودوتوكسين". ويبدو أن العنصر السام يتركز في الأحشاء، وخاصة المناسل الناضجة، وكذلك في العضلات. وكثيراً ما تحدث وفيات نتيجة تناول هذه الأسماك، وترجع معظم الاصابات الى جهل الكثيرين بخصائصها السمية، كذلك عدم تجهيزها بشكل مناسب للتخلص من السم. وعلى رغم ذلك فإن الكثير من الصيادين يعشقون لحم هذه الأسماك ويصرون على تناولها باستمرار، وذلك بعد نزع الجلد والأحشاء والرأس والكبد والمناسل والسلسلة الفقرية بسرعة بعد صيدها مباشرة، ثم يغسل اللحم جيداً ويطهى فلا يكون له أثر سام.
يستحسن تجنب تناول هذه الأسماك. ومن أمثلة هذه المجموعة سمكة القراض الفضية والقراض المقنعة والقراض ذات النقط البيضاء.
القراض الفضية Lagocephalus sceleratus
القراض المقنعة Arothorn diadematus
القراض ذات النقط البيضاء Arothorn hispidus