|
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
09-28-2011, 01:49 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||
|
المنتدى :
تربية النحل
إذا كان العسل من العقاقير الممتازة لبني الإنسان فإنه مما لا شك فيه أن النحلة التي تصنعه وتجهزه في خلاياها، قد هيأها الله سبحانه وتعالى لتكون صيدلانية في القمة العليا من البراعة والفن. وهذا الفصل سيعرف القارئ بحياة النحلة والنظام البديع في مملكتها، كيف لها وقد ألهمها خالق الكون ومصوره لتبني بيتها بهذه الدقة وبهذا الجمال،ولتصنع ما تصنع من عسل وغذاء ملكي وغراء وشمع.. {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون} صدق الله العظيم. والنحل من الحشرات الاجتماعية التي لا يمكنها العيش إلا ضمن عائلات أو مستعمرات في خلايا خاصة بها، سواء كانت من صنعها هي، من أعشاش طبيعية تبنيها في تجاويف الشجر وفي الشقوق بين الصخور في الجروف والمغاور، أو كانت في الخلايا التي يقدمها ويعرش لها ابن آدم من خلايا صنعية. وكل خلية تسكنها عشيرة من النحل في حياة قائمة على أعلى درجات التنسيق والتعاون بين أفرادها. ولكل خلية ملكة (اليعسوب)، وهي واحدة دوماً في الخلية، وهناك بضع مئات من الذكور وعشرات الألوف من النحل الشغالة(العاملات). وقد وصف الكاتب اليوناني "كسينوفونت" [10]دور الملكة في عائلة النحل بقوله: الملكة موجودة في الخلية، ولا تسمح بأي إهمال في عمل العاملات، إنها ترسلهن إلى جني الرحيق، والطلق، تفتش وتراقب، بِمَ عُدْنَ؟ تشرف على إفراغ الحمولات وتخزينها وتصنيعها، ومع مضي الوقت توزع بحق ما تجمع في الخلية –بين أفراد الخلية- وهي تعمل جاهدة لتكون أقراص الشمع قد جهزت بدقة وجمال، وأن اليرقات يُعتنى بها كما يجب....[11] وتمتاز الملكة بكبر حجمها [12]إذ يبلغ طولها ضعف طول النحلة العاملة ووزنها 2.8 ضعف، ومهمتها الحيوية هي التناسل، ففي كل يوم تضع الملكة "في فصل الربيع" ضمن العيون السداسية ما بين 1000-2000 بيضة ملقحة، تفقس إما عن نحل عامل، أو عن ملكة، إذا أريد لها ذلك، حسب نوعية الغذاء الذي يقدم لها، وحجم النخروب الذي تتواجد فيه، كما أن الملكة تضع بيضاً غير ملقح يفقس عن ذكور. وبهذه المناسبة فإن النحلة العاملة يمكنها في بعض الظروف الخاصة كأن تفقد الخلية ملكتها، أو عندما يكون عدد العاملات كبيراً أن تضع بيوضاً غير ملقحة تفقس عن ذكور فقط، غير أن الخلية بلا ملحة محكوم عليها بالفناء إن لم تستطع أن تكوّن ملكة على عجل، لأنه في غياب الملكة الطويل يزداد عدد أفراد الخلية من الذكور فقط، وهذه لا تستطيع أداء أي عمل.[13] فالمهمة الرئيسية للملكة هي وضع البيض، وتقوم العاملات بإطعام الملكة من الغداء الملكي الخاص، وهو مفرز خاص تنتجه العاملات من غددها الفلكية، وهو غذاء مركز جداً من البروتين والدهون والسكر والفيتامينات، وفيه هرمونات تساعد على النضج المناسب لأعضاء الملكة التناسلية وعلى وضع البيض الوفير، فغذاء الملكات يلعب دوراً هاماً في زيادة قدرتها على وضع البيض. والملكة أهم عضو في مملكة النحل، وبمجرد أن تفقد الخلية ملكتها فإنها تتصرف بشكل لا بد وأن يستدعي انتباه النحّال، القائم على تربيتها، فالعاملات تجري في الخلية وهي تصدر طنيناً خاصاً. إذ لا يمكن لخلية النحل أن تعيش طويلاً بدون ملكة، فالعاملات تقوم باختيار بيضة جيدة أو عدة بيوض يتراوح عمرها بين 3 و 4 أيام لتبدأ في إنتاج ملكة جديدة، فتؤخذ تلك البيضة وتوضع في مهد واسع بين النخاريب الشمعية حيث تتلقى هناك الغذاء الملكي ومع عناية فائقة تؤدي بها إلى إنتاج ملكة في غضون 19 يوماً. وللملكة حمة في نهاية جسمها "أداة اللسع" التي هي سلاح دفاعها، وهي أيضاً أداة وضع البيض، والغريب أنها لا تستعملها مطلقاً ضد الإنسان – حتى ولو أساء إليها- كما يحدث حيث يقص النحال أجنحتها، ولكن حينما تلتقي بملكة أخرى منافسة فإنها تهجم عليها فوراً وتلسعها بحمتها. ومتوسط عمر الملكة بين( 5-6 ) وحتى 8 سنوات، ولكنها حين تهرم يقل إنتاجها من البيض، وتعجز عن إدارة شؤون مملكتها، ولذا ينصح عادة بتغيير الملكة كل فصلين من وضع البيض. وينحصر عمل الذكور في تلقيح الملكة، وهو مثلها لا يستطيع إطعام نفسه، إذا يعتمد في هذه الناحية كلياً على العاملات، وتقضي الذكور فصلي الربيع والصيف في أكل العسل الذي جمعته العاملات بكدّها، وفي الخريف تطرد الذكور من الخلية لتموت في العراء من البرد والجوع، ويؤكد العلامة بوتليروف [14]أن الذكور لا تؤدي أي عمل، لكنها عند الظهيرة وحينما يكون الطقس جميلاً تخرج في رحلات المداعبة وتطارد الملكات العذراوات من أجل تلقيحهن. وهناك أبحاث حديثة [15]تريد أن لا تظلم الذكور وتشير إلى أن لها عملاً في حضن البيض، إذ تحوم فوق النخاريب الحاوية على البيض، لتبعث فيها الدفء. ومتوسط الوقت الذي تستغرقه الذكور في فقسها 24 يوماً، وأعضاء التناسل عندها نامية جداً، وتنضج حيواناتها المنوية في اليوم 8-14 من عمره، ويقع عضو السفاد عنده مكان حمة اللسع عند العاملات. وللذكر قدرة كبيرة على الإبصار، ولهذا أهميته في طيران الزفاف الملكي، إذ عليه أن يقتفي أثر الملكة في تلك الرحلة بسرعة كبيرة لكنه يموت بعد الإلقاح مباشرة، لأن عضوه يبقى عند الملكة، وتعود به إلى الخلية، وبه تتعرف العاملات على أن إلقاح الملكة قد تم. والذكور لا تعيش أكثر من 3 شهور. ومرحلة تطور اليرقات لتكوين النحلة العاملة هي 24يوماً، وعاملات النحل إناث غير مكتملات الأنوثة، وذات مبايض وجهاز تناسلي صغير غير قادر في الأحوال العادية على وضع البيض. وقد أثبتت [16]مساعدة شوفان ج.بين أن وجود الملكة في الخلية يمنع أي تطور لمبايض العاملات، ثم إن باتلر، وبين، وباربي تمكنوا من عزل مادة هرمونية أسموها "فرمون الملكة" تنتقل إلى الوصيفات باحتكاكهن بالملكة، ومنهن إلى باقي العاملات، هذه المادة هي التي تمنع تطور المبايض عندهن، وهذا سبب تمكن العاملات من وضع البيوض عند فقدان الملكة. وتعيش العاملات 45 يوماً، وتقضي عمرها القصير في عمل دائب [17]. فمن لحظة انتهاء تطورها من أول يوم من عمرها كنحلة عاملة تقوم بأعمال الخدمة العامة بتنظيف جدران النخاريب الشمعية بعد خروج النحلات الصبايا منها، وقبل وضع البيض وخزن العسل، وفي اليوم الثالث من عمرها تقوم بإطعام أخوتها اليرقات الكبيرات بالعسل وغبار الطلع. وحتى نقدر عملها يكفي أن نعلم أنه خلال الستة أيام التي تطعم فيها إخوتها المقبلات تزورها ما ينوف على 7850 مرة. وفي اليوم 7-8 تبدأ بالنضج عندها الغدد الفكية التي تفرز الغذاء الملكي والذي تقدمه للملكة أو لليرقات اللواتي سيصبحن ملكات. وفي عمر من 12-18 يوماً تنضج الغدد الشمعية حيث تبدأ بإفراز الشمع وبناء الأقراص الشمعية. وفي الحقيقة ففي هذه المرحلة من العمر يمكن أن تتوزع العاملات العمل، فمنهن من يتخصص في بناء الأقراص (فرقة البناء أو النحل المهندس) ومنها من يقوم بأعمال الحراسة، ومنها من يجني الرحيق وغبار الطلع، ومنها من يجني ويصنع الغراء، ومنها ما يقوم برعاية البيض والحضن. والعاملات تبدي احتراماً خاصاً للملكة وهي التي لا تترك أبداً ظلام الخلية بعد عودتها من رحلة الزفاف، وهناك من العاملات ما يدعى بوصيفات الملكة، تنظف جسمها، وتمشط شعرها، وتحمل برازها إلى خارج الخلية، وتطعمها بالغذاء الملكي، إلا أنه في حالات نادرة نرى أن نحلات من الحاشية [18]يكنَّ ولسبب ما غير راضيات عن الملكة، تحيط فجأة بها، منقضين عليها بالعض واللسع، يقلعن أجنحتها وأرجلها، ثم يتركنها لتموت. وقد شاهد أ.روت حوادث عديدة أثناء فحصه تكتلات النحل حيث وجد إبر اللسع في جسم الملكة الميتة، ذلك أنه بمجرد فتح المنحلة وفجأة دون سابق إنذار يتجمع النحل على شكل (كبكوبة الخيطان) حول ملكته على الرغم من أنها تنفذ مهماتها وحتى تلك اللحظة على أتم وجه، ولم يعرف حتى اليوم أسباب تغير سلوك النحل هذا نحو وملكته المحترمة. وفي أرجل العاملات الخلفية رتوج غشائية تحمل بها غبار الطلع إلى الخلايا، لذا فهي تسمى سلال الطلع وهي في نفس الوقت تمتص رحيق الأزهار وتخزنه في معدتها، وعندما تعود إلى الخلية تسلمها إلى نحلة البيت التي تقوم بصنع العسل، ومن العاملات من تطير بحثاً عن الماء وجلبه إلى الخلية. وأشد الأشياء سحراً وإثارة للعجب في حياة النحل هو بناء الأقراص الشمعية من تلك النخاريب أو العيون السداسية والتي يقول عنها داروين في كتابه "أصل الأنواع"[19]: لا بد أن يكون الرجل غبياً إذا فحص التركيب المعقد لقرص النحل، والذي يتواءم بشكل جميل مع الغرض الذي أنشئ من أجله، ثم لا يتحمس إعجاباً. وإنا لنسمع من علماء الرياضيات أن النحل قد حلَّ بطريقة علمية مشكلة عويصة بأن جعل خلاياه بالشكل الذي يسمع له باحتواء أكبر قدر من العسل وبأقل قدر من الشمع الغالي اللازم لبناء جدرانه. وفي القرن الثامن عشر اهتم الفيزيائي [20]الفرنسي ديومور بمقالة عالم الرياضيات كينغ حين قال: كم هي عظيمة ورائعة ومناسبة تلك الزوايا الكليلة في الشكل المسدس الذي بنيت فيها النخاريب في الأقراص الشمعية لتتسع لأكبر كمية من العسل بأقل استهلاك من الشمع. ولقد سبق أبو بكر بن العربي[21]العلماء المحدثين في التوصل إلى هذه النتيجة حين قال: ومن عجيب ما خلق الله في النحل أن ألهمها لاتخاذ بيوتها مسدسة، إن الأشكال من المثلث إلى المعشر إذا جمع كل واحد منها إلى أمثاله لم يتصل، وحصل بينها فرج، إلا الشكل المسدس، فإنه إذا جمع إلى أمثاله اتصل كأنه قطعة واحدة. والعاملات تفرز الشمع من أربعة أزواج من الغدد الشمعية تتوضع على جانبي الخط المتوسط للحلقات الأربعة البطنية قبل الأخيرة حيث نشاهد فتحتين لكل حلقة.ويعتبر [22]جون مارتن "1684" أول من استخرج صفيحة شمعية من إحدى تلك الفتحات من بطن نحلة عاملة من فرقة البناء، فهو يعتبر بحق الأول الذي لاحظ أن الشمع منتج حيوي للنحل، وبعده بمائة عام قام جون هانتر فأثبت ذلك وبرهن أن النحلة تصنع الشمع. إن كل 100 صفيحة تزن 25 ملغ، ويتكون كل 1كغ من الشمع من أربع ملايين صفيحة ويستهلك النخروب المخصص كمهد لتربية النحلة العاملة 13 ملغ من الشمع أما مهد الذكر فيستهلك 30 ملغ، وكل قرص شمعي يتكون من صفين من النخاريب أو المهود بينهما حاجز يشكل قاعاً لها، ويزن القرص الشمعي 150غ، ويتكون من 9100 عين أو نخروب، ويتسع لكمية قصوى من العسل هي 4كغ. وإن النحلات المهندسات صانعات الشمع تبدأ عملها وهي في عمر 3-5 أيام حيث يبدأ انطراح الصفائح الشمعية الرقيقة من مجل "فتحة" الغدد الشمعية، ويبلغ قمة الإفراز الشمعي عندها في اليوم 15-18 من عمرها، ويتناسب الإفراز مع غنى المنحلة بالعسل وغبار الطلع. والروعة هي في طريقة البناء، كيف لا وقد ألهمها إياها مبدع الكون سبحانه وتعال، وهكذا نجد أن الشمع عندما يبدأ بالإنطراح يتجمد فور خروجه من فتحة الغدة الشمعية وتبدأ النحلة ببناء أول قرص شمعي، إذ تضع على سقف الخلية قليلاً من غراء النحل، ثم تسحب بفكيها القويين صفيحة الشمع وتبلها بلعابها وتلصقها بالسقف في المكان الذي وضعت فيها الغراء وتأتي زميلة لها لتحذوا حذوها ويتابع العمل بلصق الصفيحات الجديدة بنهايات الصفيحات التي سبقتها، وهكذا وفي الظلام الدامس وبين الألوف من النحل العامل تتنامى الأقراص الشمعية متدلية من السقف نحو الأسفل، والإعجاز أنك لن ترى بين ألوف النخاريب التي بنيت أي اختلاف أو تباين، لا في الوزن ولا في الشكل ولا في عدد الصفيحات، كأدق ما ينتجه أي مصنع حديث إلكتروني، وذلك البناء الرائع المتألق في ذاته في قوة وبساطة وأناقة ونفع البناء الذي ظلت أسراره محط اهتمام الباحثين على مدى الدهور من فلاسفة وعلماء طبيعة ورياضيات ومهندسين وفنانين وغيرهم، فتبارك الله أحسن الخالقين، وسبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى... |
||||||||||||||||
مواقع النشر |
الكلمات الدليلية |
مملكة, النحل, اسرار |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
معلومات عن النحل ومنتجات النحل | ام ميزو | تربية النحل | 3 | 03-17-2018 03:56 PM |
اسرار البحار | زراعة دوت كوم | منتدى تربية الأسماك والروبيان | 0 | 09-30-2011 01:22 PM |
اسرار صناعة الجبن المطبوخ | ام ميزو | منتدى تكنولوجيا صناعة الالبان | 0 | 09-28-2011 05:47 PM |
اسرار مملكة النحل | ام ميزو | تربية النحل | 0 | 09-28-2011 01:51 PM |
اسرار الافطار على تمر | عبير العمر | منتدى الصحة والغذاء | 0 | 09-27-2011 12:14 PM |