البلح فاكهة شعبية محببة لدى الجميع
البلح فاكهة شعبية محببة لدى الجميع
البلح أو الرطب فاكهة شعبية محببة لدى الجميع، لذيذة ومغذية، ومنذ سقوط البلح “النارخ” أو “الرامخ”، وهو الذي فشل أن يكون ثمرة حلوة ناضجة، فسقط من النخلة، والذي يعشقه الصغار، والذي يعلن قدوم (الجميل) حتي ظهور البلح الأخضر أو “المقرش”، وبعدها ظهور البلح “المقمع” حتى يغمر الأسواق الرطب الخالص بحلاوته الزاعقة والعسل الذي يقطر منه، درجات من العشق وقصة حب ممتدة يعيشها أهل قوص عبر العصور مع هذه الثمرة المكرمة في القرآن الكريم، ولكن نار الغلاء طالت البلح أيضًا ، فنزل بأسعار غير مسبوقة تعدت 20 جنيهًا للكيلو.
يقول محمد كامل محمد، بالمعاش، البلح زمان لم يكن يوزن بالكيلو ، وكان يباع بـ “الشروة” لـ سلة البلح أو “قروية” البلح، أو قسامي أو كوامي بأن تقسم “القفة” أو السلة إلى أكوام وكل زبون يشتري كوم بنفس السعر، وكان الثمن قروش معدودة، ونحن نسميه الرطب، وأحسن ما تقدمه للضيف في قوص طبق البلح، فنحن نعشقه بشدة ونفضله على أي فاكهة أخرى.
عشق أهل قوص للبلح، ليس وليد اليوم أو الأمس القريب، ولكنه عشق عريق وممتد عبر العصور للبلح القوصي الذي يتميز بالجودة واللذة، والذي يدل عليه شاهد من كتاب (الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد) للمؤرخ كمال الدين الأدفوي، والذي يقول في صفحة 27 منه: “حكى لي العالم الشيخ فتح الدين ( محمد) بن سيد الناس قال: قال لي الشيخ تقي الدين القشيري( قاضي قضاة مصر وابن العالم القوصي الجليل علي بن دقيق العيد) :تروح إلي قوص تدرس بدار الحديث بها ، فذكرت له بعدها وحرارتها، فقال: أين أنت من طيب فاكهتها وعطرية رياحينها؟ ورطبها من أحسن الرطب، صادق الحلاوة ، كثير السّقر ( الدبس : عسل التمر) وفيه شيء تسل النواة منه وهو علي عرجونه قبل أن يقطف ، وفيه رطب لا يمكن تأخيره بعد أن يجني غير لحظة، لنعومته وكثرة سقره ، وقد قال صلي الله عليه وسلم( رطب طيب وماء بارد، إن هذا من النعيم) يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام التمر،، وذكر ابن زولاق أنه ليس نوع من أنواع التمر بالعراق إلا وفي صعيد قوص مثله ، وفيه ما ليس في العراق ، وأنه لا يوجد تمر يصير تمرا قبل أن يصير رطبا إلا بالصعيد”.
الرطب أنواع وألوان وصفات ، بلحة حامية وبلحة باردة ، أصفر وأحمر وبلحة شديدة الحلاوة سهلة الابتلاع ( تتزمط زمط)..ونقول انها بلحة زموطي ، ولأن الشيء بالشيء يذكر ، يقودنا الحديث الي ظاهرة ( تزميط بلح الدميرة) بالوادي الجديد، فمع بداية شهر أغسطس من كل عام ، يتم تزميط بلح الدميرة بالواحات ، والذي اتخذ هذا الاسم لمواكبته من زمان لشهور الدميرة( الفيضان)، حيث يتم تزميط عراجين ( سبايط ) النخل أي تغليفها بأكياس تحميها من الطيور والحشرات والقوارض، ويبدأ التزميط من بداية أغسطس حتي يتم الحصاد مع بداية سبتمبر من كل عام.
آيات كريمة وأحاديث شريفة، وقصص ونوادر وحكايات وأشعار وأقوال وأمثال و أغنيات ومعلومات ، حظي بها الجميل الأسمر ومنجم السكر، البلح الذي انفرد بكل هذا الرصيد الوجداني لدي الناس متفوقا علي جميع الثمار، أكرم به نعمة والحمد لله كثيرا.