اصابة النخل بمرض اللفحة السوداء

بسم الله الرحمن الرحيم


اصابة النخل بمرض اللفحة السوداء
اصابة النخل بمرض اللفحة السوداء




مرض اللفحة السوداء في نخيل التمر مرض عجيب لأن له اعراض مختلفة تتطور مع تطور المرض ولكنه واضح للعيان. من اعراض المرض إلتواء الاوراق وقصر الوريقات فتظهر السعفة مثل ذيل الجمل ولقد استخدمت هذا التشبيه مع طلابي فلم يخرج ابدا من ذهنهم. تظهر على أعناق الاوراق المصابة والمشوهة نموات سوداء خشنة محيرة للناظرين.
يظل النبات المصاب عاجز عن النمو بصورة منتظمة ولكنه ينموا حتى تبلغ النخلة طولا عاديا احيانا ثم تظهر على راسها مظاهر الجنون فتتفرع ويصبح لها عدة رؤوس او تسطح من اعلي ثم تنحني ويسمي عرض تفرع الرأس وظهور عدة فسائل بها بعرض المجنونة بينما يسمي عرض انحناء القمة بالانحناء الذي قد يؤدي الى كسر القمة وسقوطها بعد فترة.
كل هذه الاعراض العجيبة قد تأخذ خمس الى سبع سنوات لتبلغ منتهاها وتكون واضحة للمزارع في البستان. في هذه الفترة يكون المرض قد انتشر لأشجار اخري عن طريق ادوات التقليم.
لم اري مراجع ولا محاولات لتشريح هذا المرض ومعرفة أين يبدأ بالضبط وأين يوجد مسببه في جسد النخلة. قررت مع أحد طلاب ا لماجستير الذين يدرسون معي وهو المهندس تركي عبيد الله العنزي بجامعة القصيم
لقيام برحلة داخل نخلة مصابة بالمرض للتعرف على سر هذا المرض العجيب.
النخلة كيان ضخم وشجرة ذات مواصفات تشريحية يعرفها القليل من المختصين. فهى شجرة تنتصب عموديا مرتكزة على مجموع جذري ليفي يتكون من جذور شبه متساوية في الطول والسمك لا تتعمق اكثر من مترين او ثلاثة، اما الساق فهو اسطوانة من الالياف والخلايا البرانشيمية الممتلئة بالماء والغذاء ذات اللون الابيض الناصع عندما تكون النخلة معافاة وليس بها مرض. ورغم ضخامة النخلة وشكلها الخشن من الخارج فهي في الواقع عمود طري من الماء.

فى المحيط الخارجي للساق توجد قواعد الأوراق والبراعم التى فى آباط الأوراق، وفي القمة تتجمع الأوراق لتحمي البرعم الطرفي او الجمارة التى تقود النمو وتكون كملكة النحل في الخلية توزع الهرمونات على البراعم التى في قمة النخلة لتنتج الأزهار المذكرة والمؤنثة فى رأس النخلة.
هذا ببساطة تصوير لتركيب النخلة الخارجي والتى يبلغ وزنها طن او يزيد.
كيف ندخل هذا الحصن وكيف نفهم سلوك المرض وسلوك الفطر المسمي Chalara paradox’s في مهاجمة هذا الحصن وهدمه بهذه الطريقة المهينة والذي يحول النخلة من عاقلة إلى مجنونة.
لم يكن امامي خيار إلا بإقتلاع نخلة مصابة باللفحة السوداء من جذورها وشقها بالطول والعرض وفحص كل جزء فيها مظهريا وميكروسكوبيا والعزل من كل مكان لمعرفة اين يوجد الفطر وما علاقته بكل عرض من الأعراض.
احتاج الامر بلدوزر لكي نخلع النخلة من الأرض بمجموعها الجذري الكامل ( الصورة) وبعد خلع النخلة تم غسيل الجذور واخذ عينات منها للمختبر.
المفاجئة الأولي في الرحلة.:
كانت المفاجئة الأولي لنا هي ان جذور النخلة قد أصيب معظمها بالعفن وان الفطر موجود بها وبالتربة المحيطة بالجذور وهذا معناه ان العدوي قد تكون من التربة وان نقل التربة قد ينقل المرض لأشجار اخري.
المفاجئة الثانية:
بتشريح الساق وجدت حلقة حمراء في الطبقة الخارجية منه تدل على تفاعل حساسية شديد لم نشاهده في انسجة الأشجار السليمة ولكن لم نستطيع عزل الفطر منه كما وجدناه في الجذور ولكن كان الفطر موجود في قواعد الأوراق المقلمة على طول الساق وليس في الساق نفسه.
المفاجئة الثالثة:
بتشريح الاوراق والورويقات المشوهة والملتوية وبعمل قطاعات ميكروسكوبية شاهدت مالم يخطر بالبال فقد كانت بعض خلايا الوريقات مصابة بتضخم سرطاني جعلها تنثني بطريقة غير منتظمة رغم عدم وجود الفطر فيها. وجد الفطر بكثافة في تلك النموات الخشنة على اعناق الأوراق.
المفاجئة الرابعة:
بفحص الجمارة الموجودة في قمة النخلة وجد انها لا تحتوي الفطر ولكنها تلونت بالمادة الفينولية التى وجدناها في المحيط الخارجي للساق.
بدراسة الفطر نفسه ونموه وطريقة دخوله النبات خلصنا للتالي
يعيش الفطر على اعناق الاوراق وقواعدها المقطوعة والجذور ولا يهاجم الساق نفسها الا إذا ضعفت بسبب سوء التغذية او انخفاض درجات الحرارة او الجروح الميكانيكية والحشرية فيغزوا الساق ويسبب كسرها
الاعراض التى نراها من التواء وتقزم الاوراق وعرض المجنونة ناتجة من الهرمونات التى يفرزها الفطر وتسري في بدن النخله.
العدوي تتم من نقل التربة او التقليم ومن خلال دخول الفطر من الجروح او الاختراق المباشر لانسجة النبات.