ملف شامل عن غش اللبن
مقدمة: تعتبر صناعة الألبان في مصر من الصناعات الزراعية الهامة فهي تمثل حوالي 35% من قيمة الإنتاج الحيواني ورغم أن البيانات الخاصة بتصنيع الألبان في مصر غير دقيقة بدرجة يمكن الاعتماد عليها إذ أن اغلبها مبنى على اقتراحات غالبا ما تكون غير مطابقة للواقع وذلك ابتداء من كمية اللبن الناتجة أو المستخدمة في التصنيع وانتهاء بإعداد وامكانات المعامل ونظم تشغيلها وحجم استثماراتها الا انة يمكن اعتبار مصر من الدول متوسطة الإنتاج في اللبن اذ تنتج ما يقرب من خمسة ملايين طن سنويا ويبلغ نصيب الفرد حوالي 65 كجم سنويا من اللبن ومنتجاتة. ولما كانت الدراسات الغذائية توصى بان الحد الأدنى لاحتياجات التغذية السليمة للفرد من البن ومنتجاتة يجب الا يقل عن 250 جم اى حوالي 90 كجم سنويا فهذا يوضح مدى الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك والتي تصل إلى ما يقرب من مليوني طن من اللبن ومنتجاتة يتم تغطيتها بواسطة الاستيراد. حقيقة هناك بعض المنتجات التي يتم فيها الاعتماد على الإنتاج المحلى بالكامل تقريبا مثل اللبن الطازج والمبستر واللبن المعقم بطريقة ال UHT واللبن الزبادي وهناك بعض منتجات لا يعتمد على الاستيراد منها بدرجة كبيرة مثل الجبن الأبيض والإنتاج المحلى يغطى ما يقرب من 85% من احتياجات الاستهلاك الا أن هناك منتجات أخرى يتم الاعتماد على المستورد منه بصفة اساسية لتغطية حاجة الاستهلاك مثل مساحيق الألبان والألبان المكثفة والمحلاة وغير المحلاة والمرجرين ويبلغ حجم الاستيراد منها حوالي 100% أما عن صادراتنا من المنتجات اللبنية فهي تمثل نسبة ضئيلة من حجم الإنتاج المحلى وأكثر منتجات الألبان تصديرا هي الجبن الأبيض واغلب هذة المنتجات تصدر إلى بعض الدول العربية تعتمد صناعة الألبان في مصر على عدد لابأس بة من الوحدات الإنتاجية على مستوى مصر وتختلف هذة الوحدات فيما بينها من حيث إمكانياتها والمستوى التكنولوجى بها ورؤس الأموال المستثمرة فيها فضلا عن التباين الكبير فيما تنتجة هذة الوحدات من منتجات الألبان المختلفة وبجانب مصانع القطاع الخاص الكبيرة المنتشرة في مدن الجمهورية يوجد آلاف من المعامل (4000 معمل تقريبا) بعضها مرخص لها والبعض الآخر غير مرخصة متواجدة في أماكن متفرقة وينصب معظم إنتاجها على الجبن الأبيض والجبن القريش والجبن الرومي (تجاوزا) (الأصح الجبن الراس) العوامل التي ساعدت ضعاف النفوس على غش الألبان ومنتجاتة أثير في الفترة الأخيرة الكثير حول غش الألبان المحلية ومنتجاتها وفى الحقيقة فان غش الألبان ومنتجاتة كغيرة من الأغذية أمر معروف منذ زمن بعيد- لا يعنى هذا انى أصرح بالغش- فكلنا يعرف قصة سيدنا عمر – رضي الله عنة – مع البنت التي سمعها تحذر أمها من غش اللبن فهو حرام وان الله يرانا. وكان غش اللبن مقصورا في هذة الفترة على الغش بالماء وبتطور التكنولوجيا ظهر الغش بنزع الدهن أو إضافة البن الفرز وذلك بجانب الغش بالماء وأحيانا قد يضاف بعض النشا إلى البن ليظهر اللبن المغشوش بدرجة لزوجة ظاهرية عالية توحي بأنة يحتوى على نسبة عالية من الدهن (الدسامة) ومع التقدم والرغبة في حفظ اللبن حتى تسويقة ووصولة إلى معامل التصنيع استخدم المنتج والمصنع بعض المواد الحافظة بقصد إطالة مدة حفظ اللبن والمحافظة على تركيبة الكيماوى وخواصة الطبيعية وشاع استخدام العديد من هذة المواد كالفورمالين وكربونات الصوديوم وحمض البوريك وأملاح البوراكس وحمض البنزويك وفوق أكسيد الإيدروجين.....الخ واعتبار إضافة هذة المواد نوعا من الغش يحرمة القانون خاصة إذا كانت تلك المواد لا يسمح بإضافتها او أضيفت لبعض المنتجات اللبنية بنسب أعلى من الحد المصرح بة مما تسببة هذة المواد من مخاطر صحية للمستهلك فإضافة الكثير منها يؤدى إلى تعطيل الهضم عند الإنسان حيث تؤثر على بكتريا الأمعاء (ميكروفلورا Microflora) كما قد تسبب تليفا لكبد Liver cirrhosis كما في حالة الاستهلاك المستمر للمنتجات اللبنية المحتوية على الفورمالين إضافة إلى بعض الأمراض الأخرى الخطيرة التي قد لا تكتشف الا بعد فوات الأوان. ومع تطور الحياة وتطور التكنولوجيا ميل بعض البشر إلى الفساد أكثر من ميلهم إلى الإصلاح تطورت أساليب الغش وأصبح هناك سباق رهيب بين التطور التكنولوجى وبين المستحدث من وسائل الغش والتي قد يكون الكثير منها قاتلا للإنسان وأصبح غش اللبن من المشاكل الرئيسية التي يعانى منها المستهلك ومصانع الألبان تستهدف هذة الورقة إلقاء الضوء على بعض العوامل التي ساعدت وجرأت بعض ضعاف النفوس على القيام بهذة الجريمة ومن هذة العوامل: أولا: فقر المستهلك ولهفة التاجر والصانع في الحصول على الربح السريع فما زال الكثير من المستهلكين يشترون اللبن الخام دون المبستر أو المعقم رغم انة غير صحي وغير حضاري إلا أن هناك فرق سعر بين السعرين يضيع معظمة في العبوة والمستهلك فقير يسعى لسد افواة اولادة واسرتة بقوت رخيص يتناسب مع دخلة المتواضع ليس المهم عندة نوعية هذا القوت أو درجة جودتة فالله هو الحافظ بجانب جهل هذا المستهلك بما قد يجرة علية مثل هذا القوت مستقبلا من أمراض خطيرة لة ولاسرتة وانصح هذا المستهلك عند شراء هذا اللبن الخام لن يهتم بغلية جيدا قبل استخدامة (ليس مجرد الفوران) ولكن بإتباع الخطوات الصحيحة من الغلي في حمام مائي والتقليب الجيد ولمدة لا تقل عن 10-15 دقيقة في هذا الحمام المائي المغلي ثم حفظ البن بعد تبريدة مغطى في الثلاجة فهو بذلك يقضى على ما قد يكون باللبن من ميكروبات مرضية ويطيا مدة حفظة على ان يتم الاستعاضة عن اللبن المغلي باللبن المبستر أو المعقم بالسعر الذي يكون في متناول هذا المستهلك بعدها يمكن تحريم بيع اللبن الخام لمستهلك وارى أن هذا السعر المناسب قد لا يتحقق الا باستبدال العبوة الحالية بعبوة من البلاستيك او الزجاج مع الاكتفاء بإنتاج لبن مبستر لهذا المستهلك الذي لا يحتاج لحفظ ما يشترية مددا طويلة بل يستهلكة مباشرة بمجرد شرائة إن أمكنة هذا الشراء أما بالنسبة لتجار وصناع الألبان في مصر أرى أن البعض منهم خاصة أصحاب المعامل غير المرخص لها لا ينظر إلى تقدم هذة الصناعة وتطورها وتنفيذ المواصفات القيياسية للنهوض بالمنتجات اللبنية ومنافسة المنتجات اللبنية العالمية ولكن ينظر إلى الربح السريع مما قد يدفع بعضهم إلى طرح منتجات قليلة الجودة منخفضة السعر نوعا ما معتمدين في ذلك على فقر المستهلك وجهلة وأقول لمن يرغب في الربح السريع من هؤلاء التجار والصناع المستثمرين اتقى الله في اهلك ووطنك بما قد تستدخدمة من مواد غير مصرح بها أو انتهت مدة صلاحيتها دون مكترث بما قد يكون بها من مخاطر تهدد صحة المستهلك واقتصاديات الدولة. ثانيا: الاستيراد وحيل الدول المتقدمة لاستغلال الدول النامية وجعلها سوقا لمنتجاتها فقد استغلت وما زالت الدول المتقدمة شعوب العالم الثالث وتمجيدة لعقلية (الخواجة) وكل ما هو مستورد بدأت برمي شباكها في مجال صناعة الألبان بموضوع الألبان المجففة والتي كانت تأتى معونة لنا من الدول المتقدمة وقد اعتمدنا عليها في الكثير من الصناعات اللبنية من الزبادي والايس كريم واستمرت هذة المعونة لفترة وعندما بدا الإقبال على هذة الألبان نتيجة زيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وقلة نسبة الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان واعتمادنا على هذة الألبان المجففة وإمداد المصانع بمعدات الاسترجاع بدأت هذة الدول في بيعها لنا بسعر ززهيد (80 – 100 دولار للطن) اى ما يعادل 40 جنية في هذا الوقت وبزيادة الإقبال على الاستيراد للبن المجفف زاد السعر تبعا للعرض والطلب إلى أن أصبح سعر الطن من اللبن المجفف يصل إلى ما يقرب من 25 ألف جنية وأصبح اللبن البقرى الخام ارخص من اللبن المجفف ولكن أين هي كمية اللبن الخام التي تسد حاجتنا؟ اعتمادنا على الاستيراد قلل من اهتمامنا بانتاج اللبن وتحسين سلالات حيواناتنا والعناية بتربية حيوان اللبن هذا بجانب أن هناك بعض الصناعات لا يمكنها الاستغناء عن استخدام اللبن المجفف مثل المخبوزات والشيكولاتة وتدعيم اللبن الزبادي والايس كريم والجبن المطبوخ لذلك استمر الاعتماد على استخدام الالبان المجففة في تدعيم الصناعات إلى الان وستستمر دوما طالما ان المستثمر في مصر يخشى الإقبال على تربية حيوان اللبن لزيادة الإنتاج خوفا من المغامرة ولعدم ضمان الحصول على الربح المناسب وما ينطق على اللبن المجفف ينطبق على الألبان المكثفة وبعض أنواع الجبن وغيرها رغم حاجة السوق الماسة لهذة المنتجات والتي تستورد من الخارج بمبالغ كبيرة. واستمرارا لحيل الدول المتقدمة في استغلال دول العالم الثالث والتي لديها الايدى العاملة الرخيصة والسوق الرحبة ولكن ينقصها الخبرة والآلات والمعدات والتدريب على تلك الآلات الحديثة بدأت هذة الدول تطالعنا ببيوت الخبرة التي تقدم خبراتها لهذة الدول ومعوناتها المشروطة بشراء المعدات والالات ومستلزمات الإنتاج الضرورية من شراتها وبذلك اعتمدت الصناعة على تلك المستلزمات الضرورية مثل معدات اللف والتغليف والمثبتات والمستحلبات ومكسبات لنكهة وخلطات الايس كريم والجبن المطبوخ وبروتينات الشرش المجفف والمارجرين والبادئات وجميعها لا نعرف عها اى مواد استخدمت في تحضيرها فهى تباع تحت أسماء تجارية ورغم وجود عدة قوانين وقررات وزارية تحدد كيفية تنظيم الرقابة على السلع الغذائية المستوردة الا انة في النهاية هل تستطيع لجان الفحص المعملي المختصة إجراء الفحوص المعملية لمعرفة مكونات هذة المنتجات الجاهزة؟ اشك في هذا لان هذة الدول المتقدمة (الشركات) لا تذكر كل الحقائق ومطلوب كونسلتو من المتخصصين في كافة فروع الغذاء والكمياء وغيرهم لفك شفرة هذا اللغز أضف إلى ارتفاع تكاليف التحاليل الباهظة هذا بجانب أن كل ما يطلب من معامل التحاليل التي تفحص المواد المستوردة هي جملة (صالحة للاستهلاك الادمى) رغم أنها قد تكون منتهية الصلاحية أو تم تغير تاريخ صلاحيتها فكثير من السلع الفاسدة والتالفة التي سبق ضبطها كانت تحمل معها شهادات صلاحية من بلد المنشأ وعندهم الحجج في أن بلادنا نامية ونحن المتسببون في فساد هذة المنتجات المستوردة. واستمرارا في امتصاص الدول المتقدة لدماء أبناء الدول النامية فكرت الدول في استثمار واستغلال أفكار وجهد أبناء الدول النامية من علماء بما لديها من إمكانيات معملية ومادية في البحث العلمي لإنتاج العديد من ضروريات هذة الصناعة ثم بيعها لنا ولا سبيل للاستفادة من أفكار علمائنا الا بتوفير الجو الملائم لبحث ماديا ومعمليا حتى نستفيد بما تقدمة هذة العقول ونكون مصدرين لهذة المواد لا مستوردين لها ثالثا: القصور في مواصفاتنا القياسية ومطاطيتها يشترك في وضع المواصفات القياسية في مصر عدة جهات منها: 1- وزارة الصناعة (مصلحة الرقابة الصناعية) والهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي وجودة الإنتاج ومراقبة الصادرات والواردات ومصلحة الكمياء واللتان تقومان بتحليل العينات الواردة من الخارج أو المصدرة للخارج 2- وزارة الصحة ومعاملها المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية 3- مراكز البحث العلمي والمركز القومي للبحوث 4- وزارة الزراعة ومعاهد التغذية ومعهد بحوث الإنتاج الحيواني 5- وزارة التجارة والصناعة 6- أقسام علوم وتكنولوجيا الألبان بالجامعات المصرية وتقوم وزارة التجارة والصناعة بمتابعة عمليات تسويق منتجات الأغذية والألبان حسب مجموعة من القوانين والتشريعات لاختيار المواصفات القياسية للألبان ومنتجاتها وفحص مواصفات الأغذية ومنتجات الألبان في الأسواق المصرية والكشف عن مدى الصلاحية وعدم التدليس والغش للمنتج وترسل العينات المشكوك فيها إلى معامل وزارة الصحة للتحليل والمطابقة للمواصفات القياسية لكل منتج غذائي فإذا لم يكن سليما قدم إلى لقضاء حسب قوانين وتشريع الغذاء ورغم كل ذلك فللأسف نجد أن القوانين والتشريعات المنظمة لصناعة منتجات الألبان سواء في المصانع الصغيرة والكبيرة سواء كانت قوانين وزارة الصحة ووزارة التجارة او التشريعات الخاصة بالمواصفات القياسية التي تنشرها الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي لم تعد كافية ولم تعد قادرة على تتبع عمليات الغش المتطورة والتدليس المتقن نظرا للخطى السريع للتكنولوجيا الحديثة والتي تضيف الجديد كل يوم إلى المنتجات الغذائية ومعلومات حديثة وطرق متقدمة يستخدمها بعض ضعاف النفوس لغش وتدليس المنتجات الغذائية لتحقيق ربح سريع إلى أن تكتشف ومن أمثلة القصور في تشريعاتنا ومواصفاتنا القياسية اولا: فيما يتعلق بالدهن أ- صعوبة فحص نوع الدهن رغم أن المواصفة تضع حدا أدنى للدهن في اللبن وبعض منتجاتة الا أنها لم تطلب فحص نوع الدهن المستخدم نباتي أم حيواني وتاثيرة على المستهلك على المدى القريب او البعيد ولم تطلب معرفة العمليات التكنولوجية التي صع بها ونسبة الكوليسترول ومدى وجودة في المنتج وهل هناك دهن خنزير ام لا وما هي نسبة اضافتة وما نوع خليط الدهون النباتية المهدرجة وكيفية مزج هذة الزيوت أو الدهون ببعضها وبذلك فتحت المواصفة لمنتج اللبن الحرية في استخدام اى نوع من الزيوت أو الدهون الأقل قيمة غذائية والأرخص سعرا والأقل جودة ويعتمد المصنع أو المستورد هنا على جهل المستهلك بالوعي الغذائي في معرفة الفرق بين هذة الزيوت والدهون وبين دهن اللبن ذلك المركب الهام لغذاء الإنسان فدهن اللبن يحتوى في تركيبة على كمية لا باس بها من الأحماض الدهنية الضرورية والتي لا يستطيع الجسم تكوينها بالإضافة إلى أن دهن اللبن غنى بالأحماض المشبعة قصيرة السلسلة (4 – 10 ذرات كربون) والتي تكسب دهن اللبن الطعم الدسم الغنى بالإضافة إلى ا ن معدل استفادة لجسم منها مرتفع يصل إلى ما يقرب من 97% وتقل هذة النسبة في كثير من الزيوت النباتية والمستبدلة لدهن اللبن حقيقة هناك أنواع ممتازة من الزيوت النباتية مثل زيت السمسم والذرة واللوز ولكنها غالية الثمن مما يدفع المنتج إلى استخدام زيوت أخرى مهدرجة مثل زيت النخيل مع الاستيارين الارخص سعرا وقد يكون لبعضها آثار حية ضارة كزيت الشلجم (اللفت) والذي يحتوى على حمض Erucic (ايرسك) الذي يؤدى إلى تلف النسيج الحيوي لعضلة القلب وتصلب الشرايين وحجة الصانع في استبدال دهن اللبن بالزيوت النباتية هي أن دهن اللبن يحتوى على الكوليسترول الضار بالصحة وهى حجة واهية باطلة فعادة ا تشير أصابع الاتهام إلى اللبن وبعض منتجاتة الدهنية بأنة من الأغذية المسؤلة عن ارتفاع كوليسترول الدم الا أن اللبن والكثير من منتجاتة برىء من هذا الاتهام فهو منخفض في محتواة من الكوليسترول مقارنة بغيرة من الأغذية الاخرى كالبيض والكبد فعلى سبيل المثال يحتوى ال100 جرام من البيض على 600 ملجم من الكوليسترول بينما يحتوى ال100 جرام من اللبن على (4% دهن) على 14 ملجم فقط من اكوليسترول ويحتوى ال 100 جرام من لزبد على 280 ملجم من الكوليسترول اى أن اللبن يحتوى على كوليسترول بمتوسط 3.5 مجم لكل جرام دهن ويحتاج الإنسان يوميا إلى حوالى 1جم من الكوليسترول جزء منة يتم تكوينة داخل الجسم من المواد الكربوهيدراتية والبروتينية والدهون وحتى الكحولات والجزء الآخر يحصل علية الجسم من الغذاء حيث يمتص الجسم حوالي 50% من كوليسترول الغذاء وللكوليسترول دور هام في المحافظة على تركيب الخلايا ونفاذيتها وهو ضروري لتكوين العصارة الصفراوية التي تساعد في هضم الدهون كما يساعد في امتصاص الأحماض الدهنية من الأمعاء حيث يرتبط بتلك الأحماض مكونا الاسترات المقابلة لها والتي تمر خلال جدر الأمعاء إلى الدورة الدموية والكبد بمجرد أن تتحلل بالكبد إلى كوليسترول حر وأحماض دهنية يعود الكوليسترول حاملا أحماض الصفراء إلى الأمعاء لتساعد في هضم الدهن وهكذا كما أن الكوليسترول لة علاقة بفيتامين D والهرمونات الجنسية وهرمونات قشرة الكلى. حقيقة أن زيادة المتناول من الأغذية الغنية بالكوليسترول قد يكون لها آثار ضارة تتعلق بأمراض القلب والشرايين مثلة في ذلك كأى إفراط في اى نوع من مكونات الغذاء فالبروتين مفيد ولكن الزيادة عن المعدل المطلوب قد تسبب أضرارا صحية بالغة والسيلينيوم وهو عنصر ضروري للإنسان الا أن الزيادة عن المطلوب تعتبر ضارة بالجسم ونظرا لان كوليسترول الغذاء قد يرفع كوليسترول الدم عند بعض الأفراد فأنة ينصح الا تزيد الكمية التي يستهلكها الفرد يوميا عن 300 ملجم يوميا اى ما يعادل بيضة واحدة وزنها 50 جم وقد يرى البعض أن دهن اللبن يزيد كوليسترول الدم نظرا لاحتوائة على نسبة عالية من الأحماض الدهنية المشبعة طويلة السلسلة (أكثر من 10 ذرات كربون) قد تصل نسبتها إلى 60% من مجموع الأحماض الدهنية الا أن اللبن يحتوى مواد ذات تأثير خافض للكولسترول Hypocholesterolameic منها حامض الاوروتيك Orotic acid وفيتامين E والبيتا كاروتين والفوسفوليبيدات فقد لوحظ أن فوسفوليبيدات اللبن أكثر تأثيرا في خفض الكوليسترول من فوسفوليبيدات المصادر الأخرى كما أن للألبان المتخمرة تأثيرا خافضا للكوليسترول لما تحتوية من بعض الميكروبات المثبطة لنشاط نظم انزيمية مسؤلة عن تخليقة وما سبق نرى أن ده اللبن النقي الخالي من الأغشية (أغشية حبيبات الدهن) مثل الزبد والسمن هما الناتجان اللذان يمكن أن يتسبب عنهما رفع سبة الكوليسترول في الدم عند تناول كمية كبيرة منهما (تزيد عن 100 جم) وارى انة يمكن الوقوف على الغش بالزيوت النباتية والدهون الحيوانية بتقدير نسبة الكوليسترول وحامض البيوتيريك ونسبتهما إلى الدهن واحماضة الدهنية إذ يفيد الاختبار في التعرف لحد ما على الغش بالزيوت النباتية لخلو هذة الزيوت من هذين المركبين كما يفيد تقدير حامض البيوتريك لحد ما في كشف الغش بالدهون الحيوانية الأخرى اذ لا يوجد حامض البيوتريك إلا في دهن اللبن تقريبا حتى دهن لبن أم يقال انة يخلو من هذا الحامض 2- الحد الأدنى للدهن لا يكفى للكشف عن الغش إن تقدير نسبة الدهن في البن لا يفيد إلا في التعرف على ما إذا كان اللبن يحتوى على الحد الأدنى من الدهن أم لا؟ فهو لا يجزم قطعيا بغش هذا البن بالماء أو اللبن الفرز أو كلاهما معا فالقائم بالغش ماهر في ذلك يمكنة خفض نسبة الدهن مثلا من 4% إلى 3% ويصعب على القائم بالتحليل الجزم بوجود غش وان كان الغش باللبن الفرز قد يكون مقبولا ما دام دهن اللبن في الحدود القانونية فالبن الفرز مادة غذائية لا يقل كثيرا في عناصرة سوى الدهن عن اللبن الكامل ولكن الضرر كل الضرر يكمن في إضافة الماء والذي قد لا يعرف مصدرة حتى ولو كان من مصدر مأمون فهو يتسبب في خفض مكونات اللبن الأخرى وبالتالي خفض قيمتة الغذائية لذا أرى أننا في حاجة لاختبارات أخرى أكثر دقة في الحكم على الغش بالماء كتقدير الكثافة النوعية لسيرم اللبن وتقدير معامل انكسار سيرم اللبن وتقدير نقطة التجمد وتقدير محتوى اللبن من الرماد .... الخ ثانيا: ما يتعلق بالبروتين يعانى الكثيرون من شعب مصر من نقص في البروتين الحيواني وهو هام لاحتوائة على الأحماض الامينية الضرورية التي قد لا يتوافر بعضها في البروتين النباتي كما أن لبروتين اللبن أهمية صحية فالكازين يساعد في امتصاص الكالسيوم من القناة الهضمية فقد وجد أن الغذاء الخالي من اللبن ومنتجاتة قد يؤدى لقلة الاستفادة من الكالسيوم الموجود بالغذاء كما أن الكابا كازين (احد شقوق الكازين) دورا في منع التصاق بعض البكتريا الضارة بالغشاء المخاطي للقناة الهضمية ويعزى ذلك إلى شقة الكربوهيداتى وقد وجد أن التغذية على وجبات تحتوى على 20% من الكازين أدت إلى انخفاض المواد المسببة لسرطان القولون (Dimethyl hydrazinc) في فئران التجارب مقارنة بالتغذية على بروتين اللحم الأحمر أو بروتين فول الصويا كما إن للبيتا لاكتوجلوبيولين تأثيرا مضادا لحدوث الطفرات في بعض حيوانات التجارب كما تحتوى بروتينات اللبن على مجموعة من البيبتيدات الحيوية التي توجد مختبئة ضمن بنائها الأول في صورة غير نشطة تتحرر عند تحلل هذة البروتينات في القناة الهضمية أو أثناء التصنيع الغذائي ولهذة الببتيدات فوائد متعددة فبعضها مضاد لارتفاع ضغط الدم والبكتريا وتجلط الدم ولبعضها نشاط مناعي بجانب ما يحتوية اللبن من بروتينات المناعة رغم الفوائد الصحية لهذة البروتينات ورغم أهميتها التكنولوجية كمواد محددة لتصافى الجبن ومؤثر في عمليات التكثيف وتجفيف اللبن وصناعة اليوجهورت رغم كل هذا فان المواصفة القياسية لم تضع حدا أدنى لنسبة البروتين بابن وكثير من منتجاتة سوى في المواصفة الأخيرة الخاصة بالجبن والتي تشير إلى أن تكون نسبة البروتين بة في حدود 8-10% وارى في ذلك: 1- أن يؤخذ تقدير نسبة البروتين في البن الكامل كعامل محدد لسعر اللبن مثلة في ذلك مثل الدهن والجوامد اللادهنية على الا يعتمد في تقديرة على تقدير النيتروجين الكلى وضربة في عامل (Factor) فهناك فرق بين النيتروجين الكلى والنيتروجين البروتينى فقد لوحظ أن تغذية الحيوان على عليقة تحتوى على نسبة عالية من اليوريا تسبب زيادة في محتوى لبن هذا الحيوان من النيتروجين غير البروتينى وانخفاض محتواة من البروتين وكان لهذا تأثير واضح على تصافى الجبن الناتج من هذة الألبان 2- ان تشير المواصفة إلى ضرورة أن تكون نسبة البروتين في الجبن في حدود 8-10% أمر غريب جدا فلو تصورنا أن الجبن الأبيض يحتوى على مادة جافة 40% منها 8% بروتين ومثثلها فرضا ملح الطعام معنى ذلك ان هذا الجبن يحتوى حوالي 25% دهن ما يعادل أكثر من 60% من مادة الجبن الجافة عبارة عن دهن وغالبا ما يكون دهن نباتي غير معروف نوعة لذا أرى أن تحدد نسبة البروتين بالجبن على أساس مقدار (نسبتة) في المادة الجافة وارى ألا تقل نسبة البروتين في الجبن الأبيض كامل الدسم عن 30% من المادة الجافة للجبن وتزيد عن ذلك في الجبن منخفضة الدهن تبعا لمقدار الانخفاض الحادث في نسبة الدهن ثالثا: ما يتعلق بالرماد لم يحدد المشرع او يذكر اى شىء عن نسبة الرماد في اللبن وقد يكون لتحديد هذة النسبة (في حدود مدى لا يقل عن ولا يزيد عن) أهمية كبيرة في كشف الغش بالماء وكشف لغش ببعض المواد الأخرى التي أثيرت في الفترة الأخيرة من بودرة السيراميك وزهرة الغسيل فهذة المواد الأخيرة اعتقد أنها تسبب زيادة في نسبة الرماد في اللبن المغشوش بها كما يمكن الاستعانة بجهاز الامتصاص الذرى Atomic absorption في تقدير العناصر المعدنية فالعناصر المعدنية في اللبن عدا الكالسيوم والفوسفور توجد معظمها في صورة آثار وزيادتها تعطى دلالة على الغش بهذة المواد رابعا: اختبار الراسب لم تشر المواصفة المصرية إلى اختبار الراسب (لا يزيد عن 2 مجم لكل 450 مل لبن في المواصفة الدولية Codex) في اللبن الخام رغم خطورة تكوين الراسب في اللبن فهو دليل على أن بروتينات هذا اللبن لا تتحمل الحرارة العالية وارى أن تقدير هذا الراسب خاصة بالطرد المركزي قد يفيد إلى حد ما في كشف الألبان المخلقة Synthetic milk إذ أن كثير من المواد الداخلة في تكوينها عادة تكون غير تامة الذوبان خامسا: نقص الرقابة والأحكام الرادعة مفتاح الغذاء الجيد هو تطبيق المواصفة الغذائية بكل دقة وبدون تساهل لاى سبب من الأسباب فالهدف من المواصفة الغذائية تأكيد جودة الإنتاج وانضباطة بالسوق وطرح منتجات مضمونة بالنسبة لصحة المستهلك وهذا لا يتحقق فقط بإصدار أوامر أو بنود المواصفة إلى المنتجين بل يجب اهتمام الجهات الرقابية (مثل مفتشي التموين بالتعاون مع مباحث التموين) بمراقبة صلاحية الغذاء في الأسواق لضمان عدم عرض السلع الفاسدة أو المنتهية الصلاحية أو المغشوشة ومحاربة تجارة (بئر السلم) والسلع المصنعة من مواد منهية الصلاحية أو مواد ضارة بالصحة وتقديم المخطىء للمحاسبة ولكن للأسف رغم وجود هذة الجهات إلا أن هناك بعض التسيب والاستهتار بصحة المستهلك ليس هذا فحسب بل أن قوانين العقوبات بالنسبة لغش المواد الغذائية بمصر في حاجة للمراجعة حيث يعتبر القانون الحالي غش الأغذية أو التدليس جريمة عقوبتها غرامة مقدارها عشرة آلاف جنية والحبس لمدة عام أو بإحدى هاتين العقوبتين وقد يخفف الحكم بالاستئناف ولما كانت الأضرار الناجمة عن عدم صلاحية الأغذية وغشها يكلف الدولة ملايين الجنيهات سواء في علاج مواطنيها او الخسائر البشرية إلى لا تعوض خاصة وان معظم مستهلكي هذة المنتجات من الأطفال والمرضى وكبار السن لذا أرى أن هذا العقاب غير رادع وارى ان تتمشى العقوبة مع حجم الجرم الناتج عنها بعض سبل الحد من غش اللبن ومنتجاتة اان مسببات غش اللبن ووسائلة عديدة وكتطورة يوما بعد يوم لذا كان من الأفضل محاولة إيجاد بعض السبل للحد من ذلك وارى من هذة السبل: 1- قصر الاتجار في الألبان ومنتجاتها على انتاج المصانع المرخص لها والمستوفاة للشروط الصحية مع وضع خطة لتوفير اللبن السائل المعامل حراريا ونمنتجات الالبان الاخرى المامونة صحيا بالسعر الذى يتناسب مع دخل المستهلك 2- ضرورة توجية مزيد من الاهتمام لزيادة إنتاج اللبن بكل جدية وذلك بتكاتف كل من الزراعيين والبيطريين والمستثمرين ورجال الاقتصاد لتقليل الفجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك بالتوسع في إنشاء المزارع الإنتاجية المتخصصة في إنتاج الألبان وتذليل ما يقابل الإنشاء من عقوبات كالاراضى والأعلاف والقروض والسلالات بأسعار مناسبة مع عدم إعطاء تصاريح لمصانع جديدة الا بعد الاطمئنان على مصدر اللبن الذي سوف تعتمد علية تلك المصانع ويفضل أن يكون لهذة المصانع مزارعها الخاصة بها مع إلزام تلك المصانع باستخدام اللبن الخام بدلا من اللبن المجفف الذي يعاد استرجاعة لإنتاج ألبان الشرب (مبستر ومعقم) 3- التشديد على المواد المستوردة ومنع استيراد المواد التي لا يستدل على تركيبها ولا نصدق كل ما يكتب عليها من بيانات لمعرفة صفاتها والا تعتبر المواصفة المصرية حدا ادنى للمواصفات ينبغي توافرة في السلع الغذائية المستوردة بل يجب ان يطبق عليها المواصفات القياسية الدولية Codex فهي أكثر دقة وامنا 4- إقامة مصانع للمكونات الوسطية اللازمة للصناعة مثل البادئات والمنفحة والمستحلبات والمواد الملونة الطبيعية ومضادات الأكسدة ومكسبات الطعم ...الخ 5- ضرورة تدعيم وتحديث معامل الجهات الرقابية على الأغذية بأحدث المعدات الضرورية لتحديد مدى صلاحية هذة الأغذية للاستهلاك الدمى وتدريب القائمين على هذة المعامل بشكل مستمر 6- ضرورة تحدي مواصفاتنا القياسية وذلك بمراجعتها كل فترة (ثلاث سنوات مثلا) لإضافة الجديد من المعلومات مع الأخذ بما قد يتوافر من معلومات بحثية في الجامعات ومراكز البحوث والجهات الأجنبية المتخصصة ختاما يمكن القول أنة لا أمل في تحديث تلك الصناعة ووضعها على طريق الإنتاج الآمن والمطابق للمواصفات العالمية الا في مجموعة من رجال الأعمال والمستثمرين في مجال علوم الألبان والأغذية فهم وحدهم القادرون على جعل هذة الصناعة تتقدم وذلك بتعاونهم المخلص لتحسين منتجاتنا وخلق ابتكار منتجات جديدة متنوعة بمواصفات جيدة حتى ولو كانت مكلفة ندخل بها سوق المنافسة العالمية |
رد: ملف شامل عن غش اللبن
شكرا على الموضوع وجعله دوم يارب لتفيدى المنتدى وتفيدى الاعضاء |
رد: ملف شامل عن غش اللبن
ابدعت في طرحك
الله يعطيك العافيه يارب تحيتي لك |
رد: ملف شامل عن غش اللبن
مجهود مميز وموضوع في غاية الاهمية
دومت ودام عطائك |
رد: ملف شامل عن غش اللبن
مجهود مميز وموضوع في غاية الاهمية
دومت ودام عطائك |
الساعة الآن 10:47 PM. |
Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.